للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمر بالنفير العام، واستدعى القضاة والشهود، وأشهدهم على وصيته، أن ماله إذا استشهد في هذه المعركة فيقسم إلى ثلاثة أقسام ثلثه صدقة وثلثه لأولاده، وثلثه لمواليه، وسار بنفسه ومن معه من خيرة قواده ورجاله سنة (٢٢٣) هـ فحاصر عمورية وهي عين النصرانية ومركز قوتها ومسقط رأس نوفيل ملك الروم، ففتحها بعد حصار شديد رغم حصانة أسوارها وقوة رماتها فخرت صريعة بين يديه، وثأر المعتصم، من أعداء الله ولمن نكل بهم من المسلمين والمسلمات، واسترد كرامة الأمة الإسلامية وبين كيف تكون غضبة الحاكم المسلم إذا انتهكت حرمات العقيدة أو اعتدى على حمى الإسلام والمسلمين (١) وقد عاد إلى بغداد مكبرا مهللا واستقبلته الأمة بالفرح والغبطة والسرور، وأنشد أبو تمام قصيدته المشهورة:

السيف أصدق إنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والريب

وجاء من هذه القصيدة:

لبيت صوتا زبطريا هرقت له ... كأس الكرى ورضاب الخرد العرب

وجاء من هذه القصيدة أيضًا:

كم كان في قطع أسباب الرقاب بها ... إلى المخدرة العذراء من سبب (٢)

وفي مثل هذه الصورة المشرقة من صور الوفاء والغيرة على حمى الإسلام ما روي أن الحجاج بن يوسف الثقفي غضب على واليه في السند غضبا


(١) انظر في هذا البداية والنهاية لابن كثير (١٠/ ٢٨٦ - ٢٨٨) أحداث سنة (٢٢٣) وانظر تاريخ الأمم والملوك للطبري (١٠/ ٣٣٢) وانظر موسوعة التاريخ الإسلامي (٣/ ٢٦٢ - ٢٦٦).
(٢) انظر ديوان أبي تمام (١٤ - ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>