للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إنَّ الإنسان يكفر بكلمة يخرجها لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل (١) اهـ.

ويستدل على ذلك بحديث: «إن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه» (٢) والإنسان قد يكفر بالمقالة الكافرة وفعل الكفر، وإن كان عند نفسه أنه لم يأت بمكفر، كما حصل من المنافقين في غزوة تبوك قال تعالى: (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) [التوبة: ٦٦] فهؤلاء ظنوا أن ذلك ليس بكفر، ولكن الآية، دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر ولو لم يعلم، أو يعتقد أنه كافر، لا يعذر بذلك بل يكفر بفعله القولي والعملي، ومن أجل ذلك فالذي يسب الإسلام أو شعائره كافر بطريق الأولى، وإن لم يعتقد أنه كافر (٣).

وقد يعلم الإنسان أن الشيء يضره ويفعله، ويعلم أن هذا الشيء ينفعه ويتركه، لأن ذلك العلم عارضه ما في نفسه من طلب لذة أخرى، أو دفع

ألم آخر فيكون جاهلاً ظالمًا حيث قدَّم هذا على ذلك، ولهذا قال أبو العالية

سألت أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - عن قوله: (يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) [النساء: ١٧] فقالوا كل من عصى الله فهو جاهل (٤)، وقال تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ


(١) انظر الدرر السنية (١/ ٥٠).
(٢) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني (٢/ ٥٧٩).
(٣) انظر تيسير العزيز الحميد (٥٥٤، ٥٥٥).
(٤) ملحق المصنفات محمد بن عبد الوهاب (١٩٣) وانظر لطائف المعارف للحافظ ابن رجب (٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>