للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) [الأعراف: ١٧٩] وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» (١) ولا يجوز أن ينسب الكفر إلى شخص معين ما لم تقم عليه حجة البلاغ والعلم التي يعتبر من خالفها كان كافرا، تارة، أو فاسقا أو عاصيا أخرى وهذا في الأمور الخفية مثل الصرف والعطف، التي قد يقال فيها إنه مخطئ ضال.

أما الأمور التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بإيجابها مثل أركان الإسلام الخمسة، والأشياء التي ظاهر تحريمها مثل الزنا والخمر والميسر، والربا ونحو ذلك من المحرمات والواجبات فلا يعذر أحد بجهالتها ما لم يكن حديث عهد بالإسلام (٢) وعلى هذا فليس كل من جهل شيئا من الدين يكفر، فقد كان بعض الصحابة ظنوا إباحة الخمر كقدامة بن مظعون وأصحابه فظنوا أنها تباح لمن عمل صالحا على ما فهموه من آية المائدة قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: ٩٣] وقد اتفق علماء الصحابة رضي الله عنهم كعمر وعلي وغيرهما، على أنهم يستتابون فإن أصروا على الاستحلال كفروا، إذا كان قد بلغهم الدليل، فلم يكفروهم ابتداء لأجل الشبهة التي عرضت لهم حتى يتبين لهم الحق، فإن أصروا بعد معرفة الحق كفروا بجحودهم وإصرارهم (٣) وعلى ذلك فمن أعان على ترك واجب، أو إباحة محرم من شعائر الإسلام الظاهرة


(١) العقيدة والآداب الإسلامية الأولى (٢٤) تأليف الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
(٢) انظر الدرر السنية (٨/ ٢٩) وانظر المصدر نفسه (٨/ ٩٠).
(٣) انظر الجامع الفريد/ تأليف مجموعة من أئمة الدعوة (٣٢٧، ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>