للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نكفر جهلة اليهود والنصارى ومن على شاكلتهم من أهل الأوثان لجهلهم بأحكام الإسلام، وقد أجمع المسلمون على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى، أوشك في كفرهم، وإن كان كفر بعض هؤلاء مبينا على الجهل بأحكام الإسلام، ولكن يكفي في إقامة الدليل عليهم أن يعلموا باسم الإسلام، وأن الله لا يقبل من إنسان غير الإسلام دينا، ثم يبقى عليهم بعد ذلك معرفة هذا الدين، ومعرفة صفاته وخصائصه وذلك من واجبات الفرد نفسه أن يسأل عن الخطأ والصواب، كما يفعل ذلك في أمور معيشته وعلى هذا فمرتكب الكفر، وإن كان متأولا أو مجتهدا أو مخطئا أو مقلدا أو جاهلا ليس معذورا في ذلك فليس حكم الكفر والردة مقصورا على من عاند مع معرفة وعلم، فنحن لا نعرف المعاند حتى يقول: أنا أعلم أن ذلك حق ولكن لا ألتزمه ولا أقول به، وهذا الصنف بهذا الوصف لا يكاد يوجد (١).

وقد قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء: ٤٨] وقال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: ٧٢] فلم يستثن سبحانه وتعالى من ذلك الجاهل، ولم يخص المعاند، فمن أخرج الجاهل والمتأول، والمقلد، فقد شاق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين (٢) وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ) [الأنعام: ١١١] والجهالة معصية في صغائر الذنوب وفيما دون الكفر، فإن تاب من ارتكب الذنب بجهالة فقبول توبته راجع إلى الله عزوجل قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ


(١) انظر الدرر السنية (٩/ ٢٤١).
(٢) انظر الدرر السنية (٩/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>