للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء: ١٧]. قال مجاهد الجاهل من لا يعلم حلالا من حرام، ومن جهالته ركب الأمر المحرم، فكل من عمل خطيئة فهو بها جاهل، سواء كانت هذه الجهالة تصل إلى الكفر، أو إلى ما دونه فكل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته، وإنما سمواجهالا لمعاصيهم لأنهم غير مميزين ولا متبعين للحق ولذلك فعملهم هذا إثم يؤاخذون عليه إلا إذا تابوا وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (١).

والجهل صفة موجودة في حياة الناس ولكنه يختلف باختلاف الأفراد والأمم فمن الجهل ما يكون كفرا بواحا ومنها ما يكون كبيرة من كبائر الذنوب ومنه ما يكون معصية من صغائر الذنوب ولكي يتخلص المسلم من الجهل صغيره وكبيره عليه أن يتخذ من رسول الله أسوة حسنة له في حياته قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: ٢١] وبسؤال أهل العلم العاملين بعلمهم كما تقدم بيان ذلك.

فعلى هذا نقول أن كثيرا ممن يدعون الإسلام في عصرنا الحاضر وهم يقفون في صف الطغاة والمجرمين ويوالونهم ويناصرونهم ضد الحق وأهله على خطر من خروجهم من الإسلام وإن اعتذر البعض منهم أو عنهم بأنهم جهلة لا يعلمون الحق والحقيقة لأن الواجب الشرعي عليهم هو التثبت والبحث عن الحق والصواب قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل: ٤٣] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا


(١) انظر تفسير القرطبي (٥/ ٩١، ٩٢) و (٦/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>