لقد أصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا، والحق باطلا والباطل حقا في مفهوم كثير ممن ينتمون إلى الإسلام اسما لا حقيقة ولكن مع ذلك يعتقدون جهلا أو تجاهلا أنهم هم أصحاب الإسلام الصحيح فالإسلام الذي يريدونه ويعتقدون صحته هو إسلام لا يمنعهم عما حرم الله ولا يلزمه بما أوجب الله، ولذلك تراهم يفقهون في وجه كل داعية مخلص يريد إرجاع الأمة إلى الصواب، ويصفون الدعاة إلى الله أبشع الأوصاف التي هم في الحقيقة جديرون بها، إن هؤلاء الجهال وما أكثرهم في عصرنا الحاضر، هم من أهم عوامل ضعف الموالاة بين المسلمين نظرا إلى أنهم يشكلون أكثرية ساحقة ساذجة تافهة في المجتمع الإسلامي ولذلك نرى لزاما على الأمة الإسلامية والعلماء خاصة أن يهتموا بتلك الفئة من الناس اهتماما يناسب حجم المشكة ويدرأ خطرها عن الدعاة إلى الله وأن يوجهوهم إلى التصور السليم، ويلقنوهم الفهم المستقيم، وأن يحولوهم من موقف الرفض والعداء للدين وأهله، إلى موقف التأييد والموالاة والمناصرة على الحق.
لقد أصبح الجهر بكلمة الحق في وسط هذه الجموع المضللة من قبل أعداء الإسلام جريمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام، لقد جهلت الشعوب الإسلامية هذا الدين، وأخذت عنه تصورات خاطئة، بفعل أعداء الإسلام في داخل البلدان الإسلامية وخارجها، ونقضوا عرى الإسلام عروة عروة كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية والشرك، وما عابه القرآن ودفعه، ووقع فيه وأقره ودعا إليه وصوبه وحسنه، وهو لا يعرف أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية ونظيره، أو شر منه أو دونه.
فتنقض بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروف منكرًا والمنكر معروفًا والبدعة سنة والسنة بدعة، ويكفر الرجل بمحض الإيمان، وتجريد التوحيد، ويبدع بتجريد متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومفارقة الأهواء والبدع ومن له