وأما الخلاف حول حكم موالاة الكفار لمصلحة دنيوية، هل يكون ذلك موجبا للكفر والردة، أم هو كبيرة من كبائر الذنوب؟
فأقول: الذي يظهر لي، أن من حكم بردة وكفر من والى الكفار لمصلحة دنيوية، إنما قصد بذلك الذين يستبيحون لأنفسهم موالاة الكفار المحرمة، من أجل حظوظهم الدنيوية، فينكرون خطأهم ويدافعون عن باطلهم، فهؤلاء حكمهم الردة والكفر، كما هو الشأن في حل كل من استحل ما حرم الله.
أما الذين يرون أن موالاة الكفار لمصلحة دنيوية كبيرة من كبائر الذنوب، فهؤلاء اعتبروا أن الموالي للكفار عالم بمعصيته خائف من ذنبه، شأنه في ذلك شأن كثير من العصاة الذين يقترفون بعض الذنوب دون استحلال لهم.
ومما تقدم نجد أن الذين تكلموا في الموالاة من العلماء الذين سبقت الإشارة إليهم، وقد عدوا أعلى درجات الموالاة للكفار ردة وكفرا، وأقلها يكون ذنبا ومعصية وإثما، ولم يذكروا أن هناك أي نوع من أنواع الموالاة تصح مع الكفار.
إلا أن بعض العلماء المعاصرين (١) قسموا الموالاة للكفار إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون الموالاة بمعنى المسامحة والمسالمة والمعاشرة الجميلة في الدنيا، والمعاملة بالحسنى وتبادل المصالح بحسب الظاهر، مع عدم الرضا عن حالهم وكفرهم فهذا أمر غير منهي عنه، وقد
(١) انظر تفسيرات آيات الأحكام/ تأليف محمد علي السايس (٢/ ٦) وانظر مقرر الفقه للصف الثاني ثانوي بالمملكة العربية السعودية تأليف الشيخ خليل مناع القطان (٨٤) (ط-٢) عام (١٣٩٧هـ ١٩٧٧م).