للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطبته المشهورة التي خطبها بالجابية: «عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد» (١).

القول الثاني: هو ما ذهب إليه النجدات من الخوارج (٢) وبعض المعتزلة (٣) من جواز الفرقة وعدم وجوب الجماعة (٤) وهذا القول ظاهر البطلان عقلاً وشرعًا وهو مخالف لما أجمع المسلمون عليه في عصورهم المختلفة.

وبطلان هذا القول من حيث العقل أن الاجتماع قوة؛ لأن المجتمعين يتقوى بعضهم ببعض ولذلك فإنا نجد حتى من لا دين لهم يلتزمون بذلك ويسعون لتحقيقه بينهم وفي فائدة الاجتماع يقول الشاعر:

تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسرا ... وإذا افترقن تكسرت آحادا

وأما في الشرع فللأدلة السابقة ولقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - من حديث طويل «فمن أراد منكم بحجة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد» الحديث (٥).

وحديث: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه» (٦).

ووجوب لزوم الجماعة المسلمة وفائدة ذلك أمر لا يحتاج إلى جدال أو مناقشة فهو كما يقول الشاعر

وليس يصح في الأفهام شيء ... إذااحتاج النهار إلى دليل


(١) انظر فتح الباري (١٣/ ٣١٦).
(٢) انظر الملل والنحل للشهرستاني على هامش الفصل لابن حزم (١/ ١٦٧ - ١٦٨) وانظر الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ٨٨).
(٣) انظر الفرق بين الفرق للبغدادي (١٦٣ - ١٦٦).
(٤) انظر الدرر السنية (١/ ١٠٤).
(٥) انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ١٧٣) رقم الحديث (٤٣١)
(٦) رواه البخاري ومسلم انظر نزهة المتقين شرح رياض الصالحين (١/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>