للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه يوشك الله عز وجل أن يعمهم بعقاب من عنده (١) وهكذا صحح الخليفة الأول رضوان الله عليه ما ترامى إلى وهم بعض الناس في زمانه من هذه الآية الكريمة.

ونحن اليوم أحوج إلى هذا التصحيح، لأن القيام بتكاليف التغيير للمنكر قد صارت أشق وأثقل في مجتمع يتتبع القاعدون فيه كل عذر يعفيهم من المسئولية فما أيسر ما يلجأ الضعاف إلى تأويل هذه الآيات على النحو الذي يعفيهم من تعب الجهاد ومشاق الدعوة، ويريحهم من عنت الجهاد وبلائه (٢).

ثالثا: إن المقصود من سورة النساء في قوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) هو النهي عن أن يقتل بعض المسلمين بعضا وقد أجمع أهل التفسير على ذلك، وإنما عبر بذلك باعتبار المسلمين كالجسد الواحد والنفس الواحدة، وأن ما يضر الكل يضر الجزء مثل قول الله تعالى: (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) [الحجرات: ١١] فغير متصور أن يعيب الإنسان نفسه ولكنه تعبير يوحي بعظم الرابطة وعظم الوحدة بين المسلمين (٣).

أما الإجابة عن الأحاديث المتقدمة فكما يلي:

أولاً: إنها معارضة بآيات من القرآن الكريم وبأحاديث قد ورد معظمها في الصحيحين وذلك فيما يتعلق بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولزوم جماعة المسلمين.


(١) رواه أبو داود: انظر سنن أبي داود (٤/ ١٢٢) رقم الحديث (٤٣٣٨) رواه الترمذي في سننه انظر (٤/ ٣٢٢) ورواه أحمد في مسنده انظر (١/ ٢ - ٥ - ٧) ورواه ابن ماجه في سننه انظر (٢/ ٤٨٤) رقم الحديث (٤٠٦٩).
(٢) انظر في ظلال القرآن سيد قطب (٢/ ٧/ ٦٣).
(٣) انظر تفسير القرطبي (٥/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>