للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلا فإن نصوص الكتاب والسنة، لم تذكر إباحة تولي الكفار أو موالاتهم على أي وجه من الوجوه سوى حالة واحدة وهي حالة الإكراه الملجئ قال تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) [آل عمران: ٢٨] فيجوز في حالة الضعف والخوف من أذاهم الموالاة لهم ظاهرا، ريثما يعد المسلمون العدة لمواجهة الكفار والتحرر من سيطرتهم، وقد عد العلماء أقل نوع من أنواع الموالاة بدون إكراه إثما ومعصية.

يقول سفيان الثوري (١) رحمه الله: (من لات للكفار دواة أو برا لهم قلما أو ناولهم قرطاسا فقد دخل في الموالاة المنهي عنها ما لم يكن ذلك لغرض دعوة إلى الله) (٢) اهـ.

فالموالاة عند علماء الاصطلاح شيء، والبر شيء آخر، فالبر يعني: الصلة في الخير والاتساع في الإحسان، وقد أباح الله ذلك لطائفة من الكفار ضمن شروط معينة سنذكرها فيما بعد بإذن الله تعالى، فلفظ الموالاة ليس مرادفا للبر في الآية المتقدمة (٣)، ولا في مدلول اللغة (٤).

فدعوة الإسلام إلى السماحة في معاملة بعض الكفار والبر بهم لا يعني الموالاة لهم، فبسماحة الإسلام يتعامل المسلم مع الناس جميعًا.


(١) هو سفيان بن مسروق الثوري الكوفي (أبو عبد الله) ولد سنة (٩٧هـ) وأصبح محدثا وفقيها توفي بالبصرة سنة (١٦١هـ) له من الكتب: الجامع الكبير، الجامع الصغير، الفرائض ورسالة إلى عباد بن عباد الأرسوفي.
انظر معجم المؤلفين عمر رضا كحالة (٤/ ٢٣٤).
(٢) انظر مجموعة التوحيد ص١١٦.
(٣) أنظر (٤١) من هذه الرسالة.
(٤) انظر القاموس المحيط (١/ ٣٧٠، ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>