على أساس العدل والاحترام المتبادل، بدون محبة القلب للكفار، أو مودة ما هم فيه من كفر، وإنما التعامل بالمثل فيما ليس له مساس في جانب العقيدة، كالبيع والشراء، وتبادل المنافع التي لا تستلزم حبا أو بغضا في بعض الأحوال، فها هم قد سلبوا ثروات البلاد الإسلامية واستعبدوا شعوبها ومع ذلك لا زالوا يضمرون الحقد والكراهية للمسلمين فواجب المسلمين أن يتعاملوا مع الكفار بإنصاف وعدل، فلا يوالوهم على حساب الإسلام، ولا يتعاملوا معهم بحقد وضغينة كما يتعامل معنا أولئك الكفرة الإنذال.
فبسماحة الإسلام، يتعامل المسلم مع الناس جميعا وبمحبة الخير الشامل يلقى الناس على ذلك.
فعدم موالاة الكفار، لا تمنع من مصاحبتهم بالمعروف، فقد قال تعالى:(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)[لقمان: ١٥] فهذه الآية دليل على أن الإسلام لا يمنع من مصاحبة الوالدين بالمعروف، مع اختلاف العقيدة، وهذه المصاحبة ليست هي الموالاة المنهي عنها، لأن الموالاة هي محبة القلب وإرادة النصرة والمساعدة للمحبوب، إذا كان محتاجا إلى ذلك، وهي غير حاصلة في المصاحبة بالمعروف، لأن المصاحبة بالمعروف لا ترقى إلى درجة الموالاة، فلو وقف القريب الكافر في الصف المعادي للجماعة المسلمة، وأعلن الحرب عليها فعندئذ لا صلة ولا مصاحبة، ويتضح ذلك من قصة عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول.
فقد روي ابن جرير الطبري بسنده، عن ابن زياد قال: دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله عبد الله بن أبي، فقال: ألا ترى ما يقول أبوك؟ قال ما يقول أبي؟ بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال: يقول: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فقال: فقد صدق والله يا رسول