للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ويأتي في مقدمتها قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما أرأيت إن كان ظالما، كيف أنصره؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره» (١).

ولهذا قال جمهور أهل العلم بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقا واحتجوا بالأدلة المتقدمة آنفا.

وقالت طائفة أخرى يجب الإنكار بشرط أن لا يلحق المنكر بلاء، لا قبل له به، من قتل أو تعذيب ونحوه، وحجتهم في ذلك الآيات والأحاديث التي قد يستدل من ظاهرها بجواز الاعتزال كما تقدم.

ولحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعا ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا: ما صلوا (٢). فدل الحديث على أن الإنسان لا يأثم بمجرد السكوت، وإنما يأثم برضى القلب والمتابعة كما دل الحديث على عدم جواز الخروج على الولاة ما لم يغيروا شيئا من قواعد الدين، فذكر الصلاة على سبيل المثال، لا على سبيل التخصيص (٣) وقال الطبري وغيره: يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لمن قدر عليه (٤) اهـ.

وقال ابن عطية (٥): الإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وعلم به، وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين فإن خاف فينكر بقلبه، ويهجر صاحب المنكر ولا يخالطه (٦) اهـ.


(١) رواه البخاري في باب المظالم، انظر فتح الباري (٥/ ٩٨).
(٢) رواه مسلم انظر صحيح مسلم (٣/ ١٤٨٠).
(٣) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (١٢/ ٢٤٣، ٢٤٤) باب الإمارة.
(٤) انظر فتح الباري (١٣/ ٥٢، ٥٣).
(٥) انظر ترجمته (١٧٨) من هذه الرسالة
(٦) تفسير القرطبي (٦/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>