للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المسألة الأصولية في شرع من قبلنا هل يكون شرعا لنا؟ فقال بعضهم إذا أورد النص في شرعنا حكاية عن شرع من قبلنا على جهة الاستدلال والإقرار من غير إنكار، تقرر ضمنا الاستدلال بذلك والعمل بموجبه (١).

وعلى هذا فإن الذين يرضون أن يكونوا في عزلة عن الأمة في صراعها مع أعدائها ويتخذون السلبية منهجًا وطرقًا للهروب من مواجهة المشاكل والأحداث ليسوا من المؤمنين حقيقة، بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا وإلا لما وقفوا متفرجين في صراع الحق مع الباطل كأن الأمر لا يعنيهم وكأنهم لا شأن لهم بما يجري من أحداث إن هؤلاء الذين يدسون رءوسهم بالتراب طلبا للسلامة لو أخلصوا لله ولدينه، ووالوا أهل الإيمان وعادوا أهل الكفر والعصيان، وواجهوا الحوادث بثبات المؤمن وصبر الموحد لقطعوا الطريق على أهل الباطل، ولما وجدت الفوضى الإلحادية إلى أوطان المسلمين سبيلا.

لقد أمر الله بسلوك سبيل المؤمنين وبالاعتصام معهم على الحق، قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء: ١١٥].

وقال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: ١٠٣].

فقد حث الله على الاعتصام بالحق وهو أقوى من مجرد الاجتماع ثم أكد على ذلك بقوله: جميعا ثم نهى عن الصد وهو التفرق فهذه ثلاثة مؤكدات على وجوب لزوم الجماعة والتماسك معها (٢)، وقد أمر الله بذلك أمرا صريحا في سورة الكهف فقال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ


(١) انظر أسباب اختلاف الفقهاء د/ عبد الله عبد المحسن التركي (١٢٥).
(٢) انظر في ظلال القرآن (٢/ ٤/ ٢٣ - ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>