للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة: ١٨] فدلت الآيات على أن التخلص من الخوف من غير الله من كمال الإيمان ولذلك مدح الله المؤمنين بعدم الخشية من سواه كما ذم الله عز وجل الذين يدعون الصلاح والإصلاح في وقت الرخاء والسعة، فإذا حانت ساعة الشدة والبأس، وبلغت القلوب الحناجر تنصلوا من الإسلام ومن المسلمين وأنكروا الانتماء إليهم خوفا على أنفسهم وأموالهم وحظوظهم من الدنيا الفانية، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ) [العنكبوت: ١٠] قال ابن القيم رحمه الله تعالى: الخوف من عبودية القلب لله تعالى فلا يصلح الخوف إلا من الله تعالى، فهو كالذل والمحبة والتوكل، والرجاء وغير ذلك من أنواع عبودية القلب (١) اهـ.

فالخوف الذي يجعل الإنسان يترك ما يجب عليه من الدعوة والجهاد ومناصرة المؤمنين بالقول والفعل، خوفا من بعض الناس هو نوع من أنواع الشرك المنافي لكمال التوحيد (٢).

وفي الآية المتقدمة رد على المرجئة، والكرامية ومن حذا حذوهم من المتأخرين الذين يقولون إن من آثر الخوف فترك الجهاد، واعتزل الفئة المؤمنة، ولم يجاهد معها فإنه لا يترتب على عمله هذا كفر (٣) بناء على أصلهم أن الإيمان هو مجرد التصديق ويستدل البهنساوي على ذلك بقوله:


(١) انظر الجامع الفريد (١٤٢).
(٢) انظر فتح المجيد (٣٤٤).
(٣) انظر المصدر السابق نفس المكان، وانظر الحكم وقضية تكفير المسلم (٥٥ سالم البهنساوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>