للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بذلك الحسن البصري والأوزاعي (١) وسحنون (٢) وأحمد بن حنبل وإن كان الإمام أحمد يرى أن الأولى الثبات على الحق ولو قتل على ذلك (٣).

وأما ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أوصى طائفة من أصحابه وقال: «لا تشركوا بالله وإن قطعتم وحرقتم» (٤) فالمراد به الشرك بالقلوب لا بالألفاظ كمثل قوله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) [العنكبوت: ٨] وسائر الأقوال متصور عليها الإكراه، ولهذا إذا أكره بغير حق على قول من الأقوال لم يترتب عليه حكم من الأحكام، ولم يؤاخذ به في أحكام الدنيا والآخرة، إذا كان قلبه مطمئمنا بالإيمان وهذا هو الفارق بين المكره والناسي والجاهل (٥).

ثالثا: الإكراه الملجئ على الأفعال التي تخالف الإسلام.

سبق أن أوضحنا في أول هذا المبحث أن العلماء قد أجمعوا على أنه لا يجوز لمسلم أن يقتل مسلما بدعوى الإكراه (٦) أما إيذاء المسلم لأخيه

المسلم فيما دون النفس تحت وطأة الإكراه فالراجح من الأقوال عدم جواز


(١) انظر ترجمته (١٣٢) من هذه الرسالة.
(٢) هو عبد السلام بن سعيد التنوخي الحمصي الأصل القيرواني المالكي ويلقب بسحنون أبو سعيد ولد سنة (١٦٠) هـ وأصبح فقيها ثم تولى القضاء بالقيروان وارتحل في طلب العلم وسمع من سفيان بن عيينة وغيره، وتوفي في اليوم الخامس من شهر رجب من سنة (٢٤٠) من مصنفاته المدونة الكبرى في الفقه المالكي في أربعة مجلدات، وعليها يعتمد فقهاء القيروان، انظرالبداية والنهاية لابن كثير (١٠/ ٣٢٣) وانظر معجم المؤلفين عمر رضا كحالة (٥/ ٢٢٤).
(٣) انظر تفسير القرطبي (١٠/ ١٨٢، ١٨٣) وانظر زاد المسير في علم التفسير (٤/ ٤٩٦) وانظر الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (١٩١ - ١٩٤).
(٤) انظر تفسير القرطبي (١٩/ ٢٩٣).
(٥) انظر جامع العلوم والحكم عبد الرحمن بن رجب الحنبلي (٣٥٤، ٣٥٥).
(٦) انظر فتح الباري (١٢/ ٣١٦، ٣١٧) وانظر التشريع الجنائي الإسلامي عبد القادر عودة (١/ ٥٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>