للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم جواسيس يتجسسون على أهل الإسلام والإيمان يتظاهرون بالصلاح والتقوى والزهد والورع وهم في حقيقتهم وواقع أمرهم يعملون جواسيس لأعداء الإسلام، والذين يتجسسون على المسلمين، فيهم شبه باليهود المنافقين الذين كانوا يتجسسون على المسلمين بالمدينة المنورة، لينالوا من الإسلام وأهله، فقد تظاهر بعض اليهود بالدخول في الإسلام والالتزام به، ولكنهم في حقيقة الأمر منافقون، ومن هؤلاء: داعس، وسعد بن حنيف، وزيد بن اللصيت، ورافع بن حريملة، وغيرهم وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رافع يوم مات: اليوم مات منافق عظيم (١) اهـ.

وقد كان هؤلاء يتخذون المسجد وحلقات العلم مجلسا لهم ليتسقطوا أخبار المسلمين، ويطلعوا على أسرارهم، وينقلوا ذلك إلى حلفائهم من المشركين، ولكن المسلمين شكوا في تهجدهم وفي أفعالهم فراقبوهم حتى ظهر منهم ما ينقل الشك إلى اليقين، فانقض عليهم المسلمون وأخرجوهم من المساجد وأنفذوا فيهم حكم الله (٢).

وكون المسلم يمتهن مهنة التجسس على المؤمنين لصالح الكافرين وإخوان الكافرين جريمة كبيرة وخيانة عظمى، وهو حينئذ يضع نفسه في مصاف اليهود والمنافقين لأنهم هم الذين كانوا يتعاملون مع المسلمين بهذا الأسلوب الماكر الخبيث، وهذا العمل مضر بالإسلام والمسلمين من طريقين.

الأول: أن استباحة المسلم للتجسس على أهل الإسلام وخاصة المعروفين بالصلاح والتقوى والاستقامة لصالح حكام لو حوكموا بحكم الشرع لوجب قتل الكثير منهم لخروجهم عن الإسلام بالردة والكفر، فلا يليق بمسلم يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر أن يفعل ذلك لأن تولي الكفار


(١) انظر مقارنة الأديان (١) اليهودية د. أحمد شلبي (٣٢٢، ٣٢٣).
(٢) المصدر السابق نفس المكان وانظر أسد الغابة في معرفة الصحابة (٢/ ٢٣٩، ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>