للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كفر وموالاة من يتولاهم كذلك كما هو واضح من الأدلة في الكتاب والسنة التي تقدمت في أول هذه الرسالة (١) وقد ورد في الحديث الصحيح الذي منه «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» (٢) والتجسس على المؤمنين لصالح الطواغيت والمجرمين معصية كبيرة وإثم عظيم، كيف لا وقد نهى الله عز وجل عن التجسس على المؤمنين بما هو دون ذلك؟ قال تعالى: (وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا) [الحجرات: ١٢] وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا» (٣).

وفي رواية أخرى تتمة لهذا الحديث: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره» (٤) وأي ظلم وخذلان واحتقار أشد من تجسس المسلم على أهل الإسلام، إن الفاعل لذلك قد جمع بين صفتين من صفات الذم الشنيع والكفر الصريح.

الأولى: إنه شابه اليهود الذين يحضرون مجالس الذكر ويدعون الإسلام لمعرفة أسرار المسلمين والوقيعة بهم كما حصل من الأشخاص الذين تقدم ذكرهم وكما حصل من ابن سبأ وأعوانه من دس على الإسلام والمسلمين.

الثانية أن الذين يتجسسون على المسلمين بظهورهم بمظاهر الصلاح والتقوى مع أنهم يبطنون الولاء للكفار وأشباه الكفار هؤلاء منافقون وهم الذين قال الله فيهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا


(١) انظر (٥٧ - ١٠٦) من هذه الرسالة.
(٢) رواه مسلم في صحيحه (٣/ ١٤٦٩) ورواه البخاري انظر فتح الباري (١٣/ ٢٠٣) ورواه أحمد في مسنده (٣/ ٦٧).
(٣) رواه البخاري انظر فتح الباري (٩/ ١٩٨).
(٤) رواه البخاري ومسلم، انظر نزهة المتقين شرح رياض الصالحين (٢/ ١٠٨٠) رقم الحديث (١٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>