للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كاتب العدو وهم بالخروج إليهم فقال قتلته على الهم وأينا لا يهم؟ فلم يره عمر موجبا للقتل ولكنه أنفذ اجتهاد ابن الجارود فيه (١).

إن تتبع المؤمنين والتجسس عليهم والتظاهر بالتقوى والصلاح من أجل الوقيعة بهم، جريمة عظيمة وإثم كبير وقد يكون فاعل ذلك كافرا مرتدا إذا استباح تتبع أسرار المؤمنين وإفشاء خطط الإصلاح التي يقصدونها وتعمد الوقيعة بهم لحساب فئة كافرة ظالمة، مع محبته لظهور تلك الفئة الكافرة على أهل الحق، واستعلاء الكفر على الإسلام.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما من امرئ مسلم يخذل امرءا مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله تعالى في مواطن يحب فيها نصرته، وما من امرئ ينصر امرءا مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله عز وجل في مواطن يحب فيها نصرته» (٢) وقد ورد في حديث آخر «يامعشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» (٢).

هذه الأحاديث كلها وعيد لمن يتتبع عورات المسلمين ويتجسس عليهم لصالح الكفار الأصلاء أو الكفار العملاء من المرتدين والمنافقين، أما التجسس لصالح المسلمين على الكفار والطغاة الظالمين فمستحب وقد يكون واجبا إذا عين الحاكم المسلم العدل ذلك على فرد من أفراد المسلمين أو جماعة منهم، كما فعل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حيث تسلل بأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى صفوف الكفار ونقل صورة صادقة عن أحوالهم وانهيار عزيمتهم وعزمهم على الرحيل، وذلك في غزوة


(١)، ٢) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب (٤/ ٢٧١) رقم الحديث (٤٨٨٤) وقال الألباني حديث حسن انظر صحيح الجامع الصغير (٥/ ١٦٠/ ٥٥٦٦).
(٢) المصدر السابق (٤/ ٢٧٠) رقم الحديث (٤٨٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>