للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان بفطرته ميال إلى الاجتماع والاختلاط مع بني جنسه ولا يستغني عن التعامل مع تقيهم وفاجرهم وهذا أمر لا حرج فيه ولا إثم (١).

وإنما الإثم في المخالطة العشواء التي لا يبالي فيها الإنسان بمن يخالط أو يصاحب، فلا يحب تقيًا ولا يعادي شقيًا.

فالواجب على المسلم أن يستصحب أحكام الإسلام في مثل هذه الأحوال، فمن يفهم الإسلام بأنه مجرد شعائر تعبدية لا دخل له في تقييم الناس وتقييم التعامل معهم يكون مخطئًا في فهمه ناقصًا في إدراكه لمفهوم الإسلام الصحيح الذي يحكم حياة الإنسان وحركته من المهد إلى اللحد. إن هناك كثيرًا من الناس ليس لديهم منطلق مستمد من عقيدة الإسلام في مخالطة الناس ومعاملتهم، فهم لا يبالون بمن يخالطون أو يتعاملون معهم سواء كانوا مؤمنين أو عصاة، أو كافرين، وهذا مخالف لأمر الله عز وجل في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) (٢)، وقوله تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣)، وقوله تعالى: (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ) (٤).

ففضول المخالطة داء عضال، فكم سلبت المخالطة العشواء من نعمة وكم جلبت من نقمة.

وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من مرارة ولا يسلم من ضرر المخالطة وغوائلها المميتة إلا من جعل الناس في المخالطة أربعة أقسام:


(١) انظر مقدمة ابن خلدون ص (٤٢ - ٤٣) (ط - دار إحياء التراث العربي).
(٢) الممتحنة آية (١).
(٣) سورة القلم آية (٣٥، ٣٦).
(٤) سورة السجدة آية (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>