للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: من يجعل مخالطته لهم بمنزلة غذائه، فلا يستغني عنهم في اليوم والليلة، بل يشعر بالحاجة لهم على الدوام، ويشتاق إلى رؤيتهم وحديثهم، اشتياق العطشان إلى الماء الزلال.

وهؤلاء هم العلماء العاملون، والفتية المؤمنون الملتزمون بالإسلام قولاً وفعلاً فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في الحث على طلب أهل الخير في الصحبة والصداقة: (عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم، فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء، وضع أمر أخيك على أحسنه، حتى يجيئك ما يغلبك منه، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين في القوم، ولا أمين إلا من يخشى الله، ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه على سرك فيخونك، واستشر في أمرك الذين يخشون الله) (١). اهـ.

وقال بعض العلماء: لا تصحب إلا أحد رجلين رجل تتعلم منه شيئًا من أمر دينك فينفعك، أو رجل تعلمه شيئًا من الدين فيقبل منك، والثالث فاهرب منه (٢).

الثاني: من تكون مخالطة الإنسان لهم، كالدواء يستعمله وقت الحاجة عند المرض، فإذا شُفِيَ تركه، وهؤلاء هم الذين لا يستغنى عنهم في مصلحة معاشه، وتأمين ما يحتاج إليه من أنواع المعاملات، فهو يلتقي معهم بمفهوم وتصور معين ويتجرع مرارتهم كما يتجرع مرارة الدواء لحاجته إلى ذلك.

الثالث: من تكون مخالطتهم كمخالطة أهل الأمراض المعدية على اختلاف أنواعها قوة وضعفا، وهؤلاء هم العصاة والفساق الذين لا يستفيد منهم في دين ولا دنيا، فمخالطتهم داء وبلاء يجب على من ينشد الحيطة


(١) انظر فضيلة الألفة والأخوة/ مخطوطة بقسم المخطوطات بجامعة الرياض برقم (١٦٠٥) الورقة (٣٥) المؤلف غير معروف، وانظر حياة الصحابة (جـ ٣ ص ٥٠٢).
(٢) المصدر السابق من المخطوطة الورقة (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>