للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو قلابة (لا تجالسوا أهل البدع، والأهواء، ولا تجادلوهم فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون) (١).

وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل» (٢)، وللحديث الصحيح «أنت مع من أحببت» (٣).

وطريقة إظهار البغض لأهل المعاصي إذا اقتضى الأمر ذلك تكون في الإعراض والتباعد عنهم، وتارة بقلة الاهتمام بهم وعدم الالتفات إليهم وأخرى بالاستخفاف بهم وتغليظ القول عليهم، وهذا أشد من الإعراض والمقاطعة، وفي جميع الأحوال يكون الأمر بحسب غلظة المعصية وخفتها. ولذلك فالمعاداة لأهل المعاصي بالفعل لها طريقان:

الأول: قطع المعونة والرفق والنصرة لهم، وذلك أقل درجات البغض لأهل المعاصي، إذا رأى أن هذا هو الأسلوب الأجدى معهم.

الثاني: السعي الجاد لإفساد مراميهم ومقاصدهم السيئة بقطع الطريق عليهم وخاصة فيما يفسد عليهم طريق الوصول إلى المعصية وذلك مثل لو كان هناك إنسان يستغل وظيفته لأخذ الرشوة نظرًا لارتباط عمله بالجمهور ومصالحهم فيمكن نقله إلى وظيفة تفقده ذلك بعد تعزيره على ما ارتكب كأن ينقل إلى وظيفة حفظ الملفات والصور المنتهية، أما ما لا يؤثر في منعه من المعصية بصورة مباشرة، فإن المبغض للعاصي بالخيار بين الإفساد عليه، أو عدم ذلك ومثال ذلك، لو أن شخصًا يعصي الله بشرب الخمر ثم تقدم لخطبة امرأة، لو تيسر له نكاحها لكان مغبوطًا فيها، لما فيها من عفة


(١) المصدر السابق ص ٣١٨.
(٢) يقول الشيخ ناصر الدين الألباني: هذا الحديث ضعيف ولكن ليس شديد الضعف، فيصلح للاستشهاد به، فالحديث به حسن. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج ٢ ص ٦٣٣ رقم الحديث (٩٢٧).
(٣) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم ج ٤ ص ٢٠٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>