للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى بهم الأمر إلى التوالي الكامل للكفار، فخرجوا بذلك عن دائرة الإسلام والمسلمين؛ لأن مخالطة الكفار والاستئناس بهم بلا وعي صحيح ولا عقيدة راسخة تؤول إلى المشابهة والمماثلة لهم في الأقوال والأفعال مما ينتج عن ذلك محبة لهم ولأفعالهم وأقوالهم؛ لأن المحبوب له تأثير على من يحبه، حتى يصل الأمر إلى محاكاتهم في كل شيء بغض النظر عن كون ذلك حرامًا أو مباحًا وهذه صفة من صفات الردة الكاملة التي يحل فيها سبي الأموال وقتل الأنفس وأما موالاة العصاة والمبتدعة للبدع التي لا تخرج عن الإسلام، فهي فتنة وضلالة وانحراف، لا يحل معها سبي الأموال وقتل الأنفس؛ لأن صاحبها لا يزال معصوم الدم والمال ما لم يستبح لنفسه فعل المعصية أو البدعة، فإن من استباح فعل المعاصي والبدع التي اتفق علماء الإسلام على تحريمها بموجب الكتاب والسنة فهو كافر مرتد (١).

وقد روي عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: (من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث:

١ - إما أن يكون فتنة لغيره بالجلوس معه، وقد ورد في الحديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» (٢).

٢ - أن يقع في قلبه شيء من الاستحسان فيزل به فيدخله الله النار بسبب ذلك.

٣ - أن يقول: والله ما أبالي بما تكلموا وإني واثق من نفسي فمن أمن الله على دينه طرفة عين سلبه الله إياه) (٣).


(١) انظر تفسير القرطبي ج ٦ ص ١٩٠.
(٢) رواه مسلم، انظر صحيح مسلم ج ٤ ص ٢٠٥٩ (كتاب العلم).
(٣) انظر العقيدة والآداب الإسلامية للشيخ محمد بن عبد الوهاب ج ١ ص ٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>