للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١) وذلك حين تكلم مسطح بن أثاثة في قصة الإفك، فحلف أبو بكر رضي الله عنه أن يقطع عنه النفقة لمشاركته في نشر تلك القصة التي لا أساس لها من الصحة، ولكن الله عز وجل عرض على أبي بكر العفو والصفح مقابل مغفرة الله فأجاب أبو بكر رضي الله عنه واستمر على ما كان يدفعه إلى مسطح بن أثاثِة ولا شك أن المعصية التعرض لحرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولمكانة أبي بكر رضي الله عنه خاصة من أقرب الناس إليه حيث كان مسطح ابن خالة أبي بكر، ولكن لما كان المجني عليه في نفسه بتلك الواقعة قد ثبت له الحق في ذلك، فهو يملك العفو عمن ظلم، والإحسان إلى من أساء، وهذه من أخلاق الصديقين، لذلك عفا عنه وأحسن إليه أبو بكر رضي الله عنه وهذا يدل على أن الإحسان إلى من ظلمك أيها الإنسان جائز، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» (٢)، وهذا في غير مسألة الحد الشرعي، أما مسألة الحدود فقد اختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال:

أولاً: منع العفو عنها مطلقًا سواء من المجني عليه أو من الرئيس الأعلى للدولة (٣).

ثانيًا: جواز العفو عنها ما لم تبلغ الحاكم (٤).

ثالثًا: جواز العفو مطلقًا (٥).

وفي رأيي أن القول يجوز العفو ما لم تبلغ الحاكم هو القول الراجح


(١) سورة النور (٢٢).
(٢) رواه مسلم في البر والصلة (باب استحباب العفو والصلة ج ٤/ ٢٠٠١).
(٣) انظر التشريع الجنائي الإسلامي / عبد القادر عودة م ١ ص ٨١.
(٤) انظر فتح الباري ج ١٢ ص ٨٧ - ٩٦، وانظر بداية المجتهد / محمد بن أحمد القرطبي م ٢ ص ٤٥٢ - ٤٥٤.
(٥) المصدرين السابقين نفس المكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>