للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاصة في الاعتداء على المال أو النفس دون العرض ما لم تثبت البراءة الشرعية.

ومقتضى الأحوال في هذه الأمور المتقدمة، أن يكون حب العصاة وأصحاب البدع الذين لا تصل بدعتهم إلى حد الكفر، مكروهًا، وبغضهم من المندوبات في الشرع، ولا يصل الأمر في كلتا الحالتين إلى التحريم أو الوجوب، حيث إن الداخل تحت التكليف في الوجوب أو التحريم هو أصل المحبة في الله، وأصل البغض في الله، وذلك قد لا يتعدى من المحبوب إلى غيره، بنفس القوة والحكم، وإنما المتعدي إفراط الحب واستيلاؤه بصفة غير شرعية، كغلو النصارى في عيسى، ومثل اللغو في الصالحين فهذا من قبيل التعدي والإفراط المذموم في الحب، فالمسلم يجب أن يكون واسطًا في ذلك وملتزمًا بالإسلام، فلا يغلو في باب الحب المشروع حتى يقع في الشرك كما حصل من البوصيري في قوله:

يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم (١)

ولا يكون من الذين قال الله فيهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) (٢) فترتيب المحبة هي أن يحب الله عز وجل قبل كل شيء ثم يحب الرسول محمدًا ثم بقية الرسل ثم الخلفاء الراشدين ثم الصحابة أجمعين ثم التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فمحبة عموم المؤمنين واجبة كما أوضحنا ذلك في مبحث متقدم (٣) أما محبة أفراد المؤمنين فهي مستحبة غير واجبة في أعيانهم، وكذلك بغض العصاة والفاسقين فإنه واجب على جهة العموم، أما الأفراد الفاسقون أو العاصون


(١) انظر مجموعة التوحيد ص ٣١٦.
(٢) سورة البقرة آية (١٦٥).
(٣) انظر (١٤١ - ١٥١) من هذه الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>