للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي تكلم بحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام: فقال له كذبت ولكنك منافق، وكذلك في قصة عمر (رضي الله عنه) مع حاطب بن أبي بلتعة (رضي الله عنه) عندما قال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق وفي رواية دعني أضرب عنقه فإنه منافق، وقال حذيفة (رضي الله عنه) إن الرجل وليتلكم بالكلمة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيكون بها منافقًا (١) وينبغي أن يُعْرَف أنه لا تلازم بين إطلاق النفاق عليه ظاهرًا وبين كونه منافقًا في الباطن، فإذا فعل علامات النفاق جاز تسميته منافقًا لمن أراد أن يسميه بذلك، وإن لم يكن منافقًا في واقع الأمر، لأن القلوب لا يعلمها إلا الله ولأن بعض صفات المنافقين قد يفعلها الإنسان مخطئًا كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة (رضي الله عنه) فقال له عمر ما قال ولم ينكر عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك بل أنكر عليه موضوع القتل دون وصفه بالنفاق مع أنه (رضي الله عنه) لم يكن منافقًا (٢). وقد وقف المنافقون في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - مواقف كثيرة تبين فيها نفاقهم وانكشف فيها حقدهم وذلك مثل ما حصل من عبد الله بن أبي بن سلول في غزوة بني المصطلق عندما تخاصم غلام من المهاجرين والأنصار وكذلك تسلل المنافقين في غزوة الأحزاب بحجة أن بيوتهم عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارًا (٣). وفي هذه المواقف وغيرها لم يكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا صحابته الكرام يتخذون موقفًا عدائيًا من هؤلاء المنافقين بل نجد صفة التسامح والصفح عن هؤلاء المنافقين هي السمة البارزة في التعامل معهم، فعندما طلب عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الإذن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل عبد الله بن أبي رأس النفاق، رفض النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك وقال له: «فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه؟» فقال عمر إن كرهت أن يقتله مهاجري فأمر أنصاريًا بقتله. فلم


(١) انظر مجموعة التوحيد ص٤٩.
(٢) انظر مجموعة التوحيد ص٤٩، ٥٠.
(٣) انظر غزوة الأحزاب/ محمد أحمد باشميل ص١٠٠ - ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>