ولم يتطرق الفقهاء إلى معاملة المرتدين في جوانب كثيرة، مثل الاستعانة بهم أو مصاحبتهم، أو صلتهم، أو التعامل معهم، لأنه أساسًا كان يجب أن لا يعيش بين المسلمين مرتد، فإما الإسلام، وإما الموت، ولذلك لا نستطيع أن نوجد صيغة في التعامل مع أناس كان يجب أن لا يعيشوا بدار المسلمين أصلاً فلا يمكن إيجاد حل صحيح لأوضاع قائمة على خطأ من أساسها ولذلك فالحل الوحيد مع هؤلاء المرتدين الذين انتشروا في أجزاء كثيرة من بلاد الإسلام هو الدعوة الجادة إلى الإسلام فمن تاب منهم قبلناه، ومن عاند واستمر في كفره قتلناه، وطهرنا الأرض منه، حيث إن المرتدين يجب أن يؤخذوا بالقوة والحزم، فعملية الترغيب قد لا تجدي معهم شيئًا، ولأنهم قامت عليهم الحجة بدخولهم ومعرفتهم لشرائع الإسلام، وقد انعقد إجماع الصحابة (رضي الله عنهم) في حربهم، حيث إن إقرارهم لأبي بكر (رضي الله عنه) في حربهم حجة في ذلك. فقد روى الإسماعيلي عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال لما قُبِضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتد من ارتد من العرب، وقالوا نصلي ولا نزكي، فأتيت أبا بكر (رضي الله عنه) فقلت: يا خليفة رسول اللهّ تألف الناس وارفق بهم فإنهم بمنزلة الوحوش. فقال: أخرت نصرتك وجئتني بخذلانك، جبار في الجاهلية خوار في الإسلام ماذا خشيت أن أتألفهم؟ بشعر مفتعل أم بسحر مفترى، هيهات! هيهات! مضى النبي - صلى الله عليه وسلم - وانقطع الوحي، والله لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي وإن منعوني عقالاً، كانوا يؤدونه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاربتهم عليه. قال عمر (رضي الله عنه) فوجدته في ذلك أمضى مني وأعزم وأدب الناس على أمور هانت على كثير من مؤنتهم حين وليتهم (١).
والمتتبع لأحوال معظم المسلمين في ديار الإسلام يجد أن هناك مرتدين كثيرًا في معظم البلاد الإسلامية يتمتعون بالحماية والرعاية والعناية من قبل حكومات كافرة مرتدة، وفي مثل هذه الحال لا يستطيع المسلم أن