للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكر، أو إظهار القرآن والسنن والحكم بالعدل، وهو صادق بدعواه، فلا يعتبر باغيًا بل الباغي من خالف ذلك (١).

فإذا كان البغاة يخالفون الحاكم المسلم العدل متهمين له ولحكومته بالتقصير في بعض الواجبات أو بمنع بعض المباحات بناء على تأويل واجتهاد مخطئين فيه، فإن أمرهم والحالة هذه لا يخلو من أربع حالات:

الحالة الأولى: أن يكون البغاة منبثين بين أفراد الأمة، لم يتظاهروا بعصيان طاعة الإمام، ولم يتحيزوا بدار أو قلعة أو قرية، أو حصن، فهم أفراد، متفرقون، تنالهم قدرة الحاكم، وتمتد إليهم يده، فيجب على الحاكم والأمة في مثل هذه الحالة، تركهم وعدم محاربتهم وإن كانوا يظهرون عدم الرضي بأقوالهم، ويتذمرون من تصرفات الحاكم ومن معه، بناء على فهمهم وتصورهم الذي أخطئوا فيه، فتجري عليهم أحكام أهل العدل في الحقوق والواجبات، ويلزم الحاكم والأمة أن يوضحوا لهؤلاء فساد ما اعتقدوه وبطلان ما انتحلوه، لعلهم يرجعون عن رأيهم الذي ارتأوه واعتقادهم الذي اعتقدوه، واستدل القائلون بذلك، بما قاله علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) لقوم من الخوارج: «لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نبدؤكم بقتال، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيدكم معنا» (٢).


(١) المحلى لابن حزم ج١١ ص٩٨.
(٢) انظر الأحكام/ للقاضي أبي يعلى الحنبلي ص٣٨ - ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>