للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما ينشده المصلحون من دفع المفاسد الحاصلة بسبب فسق الحاكم وحكومته.

فقد تكون مصلحة الأمة في بقائها وصبرها على المعاصي ومحاولة إصلاحها بالتي هي أحسن أعظم من وقوعها في دوامة الصراع والتناحر مع شخص الحاكم وحكومته، إذ لا يعلم نهاية الصراع وآثاره المدمرة وما يقع فيه إلا الله تعالى.

كما أنه لا يجوز القول بوجوب العزل في كل مسألة فسق مهما صغرت، لأن ذلك يؤدي إلى عدم وجود دولة تحكم بالكلية، نظرًا إلى أن الإنسان غير معصوم من الخطأ وارتكاب بعض صغائر الذنوب، فلو أخذ أحد برأي المعتزلة الذين يرون وجوب العزل في كل معصية مهما صغرت، لتوالى أمر العزل والتولية بشكل مستمر، مما يفقد هذا المنصب أهميته واستقراره، وهيبة أهله التي يجب أن يكون لها في نفوس الناس وقع واحترام (١). وعلى هذا تحمل الأحاديث الواردة في المصابرة ووجوب الطاعة للولاة ما لم يظهروا كفرًا بواحًا.

أما إذا كان الغالب على الظن عند ظهور فسق الحاكم ومعصيته أن عزله لا يترتب عليه حصول فتنة، وأن التغيير له يمكن أن يمر بسلام فيستحب عزله وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: أن احترام وطاعة رئيس الدولة ومحبته واجب شرعي بشرط أن يحترم نفسه، ومنصبه، ويحترم حق الأمة في هذا المنصب وأن يتبوأه بحقه أما إذا انحرف عن ذلك فإن للأمة الحق في تتبع المنحرف عن دستورها السماوي، ومجازاته على انحرافه لئلا يظن أن له حصانة تحميه من المحاسبة على أقواله وأفعاله فيشجعه هذا الظن السيئ على الفسق


(١) انظر رسالة ماجستير في عزل الرئيس الأعلى للدولة في نظام الحكم في الإسلام د/ علي بن فهيد السرباتي ص ١٣١ - ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>