للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفجور، وديننا أسمى وأكمل من الأنظمة الوضعية التي تعزل الحاكم وتنزل به أشد العقوبات عند الخروج على نظامها. فكيف من يخرج على نظام شرعه الله من فوق سبع سموات؟!!

ثانيًا: إن مبدأ التسامح مع الولاة الفساق والظلمة مبدأ خطير على الأمة لا يقف عند حد، حيث يفقد الأمة أهم خصائصها في إقامة العدل واستيفاء الحقوق، وتنفيذ الواجبات على الناس من القمة إلى القاعدة بلا استثناء أو تمييز، كما هو مقرر في الشريعة الإسلامية، فقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده» (١).

ولكن للأسف الشديد إن القول بعدم جواز عزل الحاكم قد تجاوز مرحلة فسق الحاكم ومعصيته إلى القول بعدم جواز عزله مهما فجر وطغى، ومهما أباح وحرم، ومهما أظهر من ألوان الكفر الاعتقادي والقولي والعملي، وهذا القول -بحمد الله- لم يقل به أحد من علماء الإسلام المعتمدين، وإنما قال به جماعة من أدعياء العلم والفقه وسماسرة الكلمة الذين يبيعون ذممهم بحفنة من الدراهم، أو ينافقون مع الحكام الكفرة خوفًا من ظلمات السجن وأعواد المشانق، فيهرولون إلى عتبات الحكام الكافرين بالفتاوى المعلبة الجاهزة التي يعلمون مسبقًا أنها تنال رضى الحاكم وتبرق لها أسارير وجهه.

لقد وجد الطغاة جمهورًا من علماء النفاق ووعاظ المسكنة الذين زينوا للطغاة انحرافهم، وبرروا لهم أخطاءهم وقاموا بمؤنة إقناع الناس نيابة عن سادتهم حتى وصل الأمر إلى ما هو مشاهد من ولاء للحكام الكافرين في معظم البلاد الإسلامية (٢) وهؤلاء الذين يتزيون بزي العلماء وهم كمثل


(١) رواه الإمام أحمد بسند صحيح - انظر المسند بشرح أحمد شاكر ج١ ص١٦٨ (ط ٤ - دار المعارف بمصر).
(٢) انظر الإيمان وأثره في نهضة الشعوب/ يوسف العظم ص٢٥ - ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>