للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو صبر على فسقها وظلمها في حالة عدم وجود من هو أصلح منها لكان ذلك أمرًا مباحًا، وإذا كان إحلال غيرها محلها يترتب عليه من المفاسد أعظم مما ينشده المصلحون من المصالح فإن الأولى الصبر عليها وعدم الخروج عن طاعتها، أما لو أخذ المسلمون بمبدأ نظام الحكم في الإسلام أخذ صحيحًا لوجب عزل الحاكم بالطرق السلمية عند فسقه وعصيانه (١).

أما إذا وُجِدَ الحاكم المسلم العدل والحكومة الإسلامية الحقة فإن طاعتها واجبة ومناصرتها فريضة والخروج عليها معصية قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٢). وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم سترون بعدي أثرة وأمورًا تنكرونها قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدوا إليهم حقهم، وسلوا الله حقكم» (٣).

فحق الولاة على المسلمين طاعتهم في غير معصية الله ورسوله، ومناصرتهم وتأييدهم بما ليس فيه ضرر على المؤمنين في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.

وإذا فليطمئن الحاكم المسلم على نفسه ما دام يحكم بالإسلام حيث قد ضمن الإسلام وجوب طاعته وحرم الخروج عليه، وإذا انحرف الحاكم عن حكم الله وعطل شرع الله فالخطأ خطؤه والجريمة جريمته، وما يلقاه من عنت ومشقة حينئذ إنما سببه تعديه على حدود الله، كحال أي مجرم يتعدى على الحدود الشرعية، فيكون جزاءه الردع والتأديب، ولذا فإن دار الإسلام هي التي يحكم فيها الإسلام وحينئذ يجب أن يتولى المسلمون فيها بعضهم بعضًا، وما عداها فهي دار حرب، علاقة المسلم بأهلها إما القتال،


(١) انظر رسالة ماجستير في عزل الرئيس الأعلى للدولة في نظام الحكم في الإسلام د/ علي فهيد السرباتي ص١٣١ - ١٣٢.
(٢) سورة النساء آية (٥٩).
(٣) رواه البخاري - انظر فتح الباري - ج١٣ ص٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>