للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحق؟ للظالم أو المظلوم على حد سواء، لقد بقيت تلك المقاييس العوجاء في الموالاة والمعاداة، أحقابا من الزمن، حتى اشرقت عليهم شمس الإسلام بعدالة الملك العلام، فسما الوحي الإلهي بنزعة الولاء والعداء من أفقها الضيق الظالم المحدود إلى أن ترتبط بخالق هذا الكون العظيم وبالناس جميعا، في هذه الأرض، وهذا ما عبر عنه ربعي بن عامر رضي الله عنه، في إيوان كسرى حيث قال: (الله ابتعثنا لنخرج من شائن عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام) (١).

فوجد الذين وفقهم الله إلى هذا الدين، بغيتهم وضالتهم المنشودة، حتى أحبوهم أكثر من أنفسهم وأموالهم وأولادهم ووالديهم.

ورحب الناس بالإسلام حين رأوا ... أن الإخاء وأن العدل مغزاه

أرواحنا تتلاقى فيه خافقة ... كالنحل إذا يتلاقى في خلاياه

دستوره الوحي والمختار عاهله ... والمسلمون وإن شتوا رعاياه (٢)

وتحقق في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعهد الصحابة (رضي الله عنهم) حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى» (٣).

أي مضاهاة بين المجتمع الإسلامي السليم التكوين، وبين الجسد البشري الواحد يمكن أن تكون أكثر أحكاما ودقة رؤية، ومن هذه المضاهاة والماثلة التي دل عليها الحديث.

إن ردود الفعل لعوادي الألم وسهام الأذى في الجسم الواحد، تكون


(١) انظر البداية والنهاية لابن كثير (٧/ ٣٩).
(٢) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث أحمد الجدوع وحسني جرار (٢/ ٦٥، ٦٧).
(٣) صحيح البخاري (٨/ ١٢) (دار التراث العربي بيروت).

<<  <  ج: ص:  >  >>