ذلك هو المجتمع المؤمن المسلم، الذي من دلائل إيمانه وصحة إسلامه، تواده وتعاطفه وتراحمه، ذلك هو الالتحام الحقيقي بين أفراد الأمة المسلمة الأمة التي أنشأها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتبعه في السهر عليها خلفاؤه الراشدون من بعده فهذا التلاحم قد أورث المسلمين وضعا فذا فريدا دام مئات السنين، فلا تحل نكبة بطرف من أطراف المسلمين، إلا ويفزع المجتمع المسلم لذلك الحدث ويتألم ويسهر لذلك ويقدم من نفسه وماله ووقته الشيء الكثير، ولم يعرف للراحة طعما، إلا بزوال النكبة الحاصلة على جزء منه، وبراءة ذلك العضو المصاب كما هو شأن الجسد البشري، وهذا التصرف والموقف، من أشد ما كان يغيظ أعداء الإسلام ويرهبهم، جميعا، ذلك أنهم يجدون أنفسهم في مواجهة أمة قوية متماسكة متناصرة تدافع عن الجزء منها كما تدافع عن الكل، وتعتبر ما يصيب الجزء واقعا على الكل ولكن هذه الصفة وتلك السمة الفريدة التي تميزت بها هذه الأمة، أصابها الضعف والوهن عند قلة قليلة من المسلمين، وماتت موتا تاما عند معظمهم، وذلك حين أصيبت هذه الأمة بالشلل المزمن، نتيجة جرعات من وسائل التحدير حقنها الأعداء في جسمها أدى إلى فقدان الإحساس لديها، بما يعانيه أفرادها من ويلات ونكبات، لقد تم ذلك بمكر خبيث وخطة مرسومة من أعداء الإسلام، اتفق في تنفيذها علينا كل من الشرق والغرب، وذلك لما تتمتع به بلاد المسلمين من كونها منبع الرسالة الخالدة، وتحتوي على أهم مصادر الثروة في العالم، ولا يتسنى لهم الحصول على ذلك إلا بزرع أسباب الفرقة بين المسلمين وإضعاف روح الموالاة بينهم.
فخرج علينا الغرب بنظرية عبادة المادة والشهوة والشهرة فمن أجلها يوالى وعليها يعادى، فالمال هو الذي يحرك حب الإنسان وبغضه في