للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (١) فالآيات تأمر المسلم أن لا يتخذ بطانة من الكفار وأن لا يحبهم وهم لا يزالون متلبسين بصبغة الكفر، وأن لا يناصرهم أو يؤيدهم بقول أو فعل ما لم يسلموا، إن تلك الآيات تنوير وتبصير للمسلمين في كل زمان ومكان، بأن لا ينخدعوا في معاملة أعدائهم وبهرج ألسنتهم فيندفعوا بسذاجة وغباء إلى اتخاذهم بطانة وأصحابًا وأصدقاء وأصفياء، فإن عداوة الكفار للمسلمين عداوة متأصلة، لا تغسلها سماحة أو مودة من المسلمين للكفار أو حسن صحبة لهم، والتحذير في هذه الآيات المتقدمة ليس مقصورًا على فترة تاريخية معينة، وإنما هو حقيقة دائمة تواجه واقعًا دائمًا، كما نرى مصداق ذلك في ماضينا المعهود وحاضرنا المشهود، وقد بين الله ذلك في آيات متعددة قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) (٢)، وقال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (٣). وقد عبرت الآيات عن قوة الإصرار والاستمرار في العداوة من قبل الكفار وذلك بالتعبير بالفعل المضارع (لا يزالون) و (ولن ترضى) و (وما تخفي صدورهم أكبر) ونسوق بعض النماذج الواقعية عبر فترات تاريخية متباعدة لنبرهن على تسامح الإسلام وتعصب أعدائه ضده، عندما تكون للأعداء الغلبة والنصر على المسلمين، ونستدل على تعصبهم من أقوالهم وشهادة بعض المنصفين منهم يقول: (جيبون) «إن الصليبيين خدام الرب يوم استولوا على بيت المقدس في ١٥/ ٧/١٠٩٩م رأوا أن يكرموا الرب


(١) سورة آل عمران من آية (١١٨) إلى آية (١٢١).
(٢) سورة البقرة آية (١٠٩).
(٣) سورة البقرة آية (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>