للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن المراد بالآية جميع الأصناف ممن لم يقاتل المسلمين، إذا لم يكن في برهم والإحسان إليهم دلالة لأهل الحرب على عورات أهل الإسلام، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح (١). اهـ.

وعلى هذا يترجح القول لدي بعدم النسخ في الآية لوجوه هي:

١ - إن الجمع بينها وبين آية القتال ممكن غير متعذر، ودعوى النسخ يصار إليها عند تعذر الجمع، وعدم إمكان الجمع إن دل عليه دليل.

٢ - إن السنة متظاهرة بطلب الإحسان والعدل مطلقًا ولا قائل بالنسخ في ذلك.

٣ - يحمل كلام ابن زيد وقتادة وابن شهاب الخفاجي بأن النسخ في كليهما بمعنى التخصيص.

٤ - إن القتال بالسيف وتوابعه، من العقوبات، والغلظة في محلها مخصوص من هذا العموم.

ووجه مناسبة الآية لما قبلها من الآيات في السورة أنه لما ذكر الله تعالى نهيه لعباده المؤمنين عن اتخاذ عدوه وعدوهم أولياء يلقون إليهم بالمودة، ثم ذكر حال خليله إبراهيم (عليه السلام) ومن آمن معه في قولهم وبراءتهم من قومهم المشركين حتى يؤمنوا، وذكر أن لعباده المؤمنين أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، خِيْفَ أن يتوهم أحد أو يظن أن البر والعدل داخلان في ضمن ما نهى الله عنه من الموالاة المحرمة، فناسب أن يدفع هذا الوهم بهذه الآية (٢). والله هو الهادي إلى طريق الصواب.


(١) انظر تفسير الطبري ج٢٨ ص٤٣، وانظر تفسير آيات الأحكام محمد علي السايس ج٤ ص١٣٩ - ١٤٠.
(٢) انظر الدرر السنية ج١٠، ص١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>