للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى توثيقه. ولكن الصواب أن معناه لا يصح الأخذ به، فلو صح عند أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعملوا به لما توجهت جيوش الفتح الإسلام إلى تركيا والقسطنطينية حيث لو توقف المسلمون في حدود الشام، لما توجه الترك لحربهم لو علموا ذلك من المسلمين.

أما بلاد الحبشة فقد أعتبرت في عهد الصحابة (رضي الله عنهم) أكثر من بلاد محايدة، بل هي بلاد مناصرة لأهل الإيمان، لمعاملتها الحسنة للمسلمين في هجرتهم إليها أيام النجاشي.

ولكن بما أن أحكام الإسلام لم تكن نافذة فيها فهي ليست دار إسلام، وباعتبارها مسالمة لأهل الإسلام مناصرة لهم فهي ليست دار حرب وعلى هذا يمكن أن تسمى (دار حياد) بمفهوم العصر الحاضر (١).

٢ - يشبه موقف أهل الحبشة موقف أهل النوبة في جنوب مصر وشمال السودان على ضفتي نهر النيل من أسوان في مصر إلى دنقلة في السودان وهي مملكة نصرانية في السابق وقفت في وجه المسلمين الفاتحين واستعصت عليهم وكلفت الجانبين خسائر جسيمة، وأخيرًا عقد ملكها عقد صلح مع المسلمين يقوم على مبدأ التسامح بينهم في حرية الدعوة والاعتقاد وحسن الجوار، وتبادل المنافع الاقتصادية، حيث إن مصر تمد بلاد النوبة بالحبوب والثياب والخيل، والنوبة تمد مصر بالماشية وعمال فلاحة الأرض، لينصرف المسلمون إلى الجهاد وقد استمرت هذه المعاهدة أكثر من ستمائة سنة حتى الحكم الفاطمي في مصر (٢). وبهذا لم تكن بلاد النوبة في ذلك العهد من دار الإسلام لعدم نفاذ أحكام الإسلام فيها، ولا من دار العهد لعدم وجود علاقة الخضوع والتبعية للمسلمين.


(١) انظر العلاقات العامة والخاصة في الإسلام تأليف مجموعة من الدكاترة ص٩.
(٢) انظر تاريخ الإسلام السياسي د/ حسن إبراهيم ج٢ ص٢٠٤. وانظر آثار الحرب في الفقه الإسلامي د/ وهبة الزحيلي ص٩١٤. وانظر العلاقات العامة والخاصة في الإسلام/ مجموعة أساتذة ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>