للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بدار حرب تعلن عداوتها للإسلام والمسلمين، فهي إذا يمكن تسميتها دار مسالمة وموادعة وحياد.

ويمكن أن تعتبر بعض الدول الأوروبية الصغيرة مثل النمسا وسويسرا التي تقف في الظاهر من قضايا الإسلام موقف المحايد، دولاً محايدة ما لم يثبت خلاف ذلك من محاربة للإسلام والمسلمين، أو تتعاون مع المحاربين للإسلام وأهله. وقد روى ابن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وادع بني صخر من كنانة ألا يغزوهم ولا يغزوه ولا يكثروا عليه، ولا يعينوا عليه عدوًا، وكتب بينه وبينهم كتابًا بذلك (١).

ويجوز استخدام الكفار المسالمين المحايدين للدعاية لصالح المسلمين وإيقاع الرعب والهزيمة المعنوية في الكفار المحاربين فقد مر معبد بن أبي معبد الخزاعي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في حمراء الأسد (٢) بعد موقعة أحد، ومعبد يومئذ مشرك فقال: يا محمد لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله عافاك فيهم ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحمراء الأسد، حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء (٣).

وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وقالوا: أصبنا جل أصحابه، وأشرافهم وقادتهم، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم! لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم.

فلما رأى أبو سفيان معبدًا قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط! يتحرقون عليكم تحرقًا! من الحنق (٤) عليكم، لم أر مثله قط! قال ويحك، ما تقول؟ قال: والله ما


(١) انظر في ظلال القرآن م٤ ج١٠، ص١٢٣.
(٢) حمراء الأسد مكان على بعد ثمانية أميال من المدينة نحو مكة.
(٣) الروحاء قرية لمزينة على مسافة ليلتين من المدينة.
(٤) الحنق: شدة الغيظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>