للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ديانتهم، ويستدل على ذلك بأن المسلمين بعد فتح خيبر وانتصارهم على اليهود جمعوا الغنائم وكان فيها نسخ من التوراة فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بردها إلى اليهود (١).

والذي أراه وأرجحه في هذا الموضوع هو عدم جواز إقامة مدارس أو مناهج دينية خاصة بهم سواء كان ذلك بتمويل منهم أو من بيت مال المسلمين وذلك لعدة أسباب هي كما يلي:

أولاً: أن ما استدل به الدكتور عبد الكريم زيدان من إرجاع نسخ التوراة إلى اليهود على جواز إنشاء المدارس فهو غير صحيح وذلك أنه نقل عن المقريزي هذا الأثر وهو حديث ضعيف (٢). لأن من الفقهاء من أجاز أخذ كتبهم، حيث قالوا إن كانت مما ينتفع به ككتب الطب واللغة والشعر فهي غنيمة، وإن لم يمكن الانتفاع بها كأن تكون من التوراة أو الإنجيل فإن أمكن الانتفاع بجلودها وأوراقها بعد غسلها غسلت وهي غنيمة، وإن لم يمكن فلا تدخل في الغنيمة ولا يجوز بيعها (٣). ولم يذكروا ردها إليهم، مما يدل على ضعف القول بردها إليهم.

ثانيًا: على فرض صحة رواية الرد عليهم، فإنها لا تكون دليلاً على جواز إقامة المدارس الخاصة بأهل الذمة لتعليم ديانتهم فإنهم إنما يقرون على قراءة كتبهم في بيوتهم وكنائسهم على جهة الخفاء مع عدم رفع الصوت بها وإقامة المدارس لذلك إظهارًا لديانتهم وإعلانًا لها، والإسلام والمسلمون أقروهم على حرية العقيدة وحرية التعليم الفردي على جهة الصغار والاستخفاء لا أن يصبحوا دولة داخل الدولة الإسلامية (٤). يقول العلامة أبو الأعلى المودوي في موضوع تعليم أهل الذمة إنه يجب عليهم أن


(١) انظر أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام ص١٠١.
(٢) إمتاع الأسماع للمقريزي ص٣٢٣. ج١.
(٣) انظر المغني والشرح الكبير ج١٠ ص٤٩١.
(٤) انظر مختصر تفسير ابن كثير م٢ ص١٣٦ وانظر الأحكام السلطانية للماوردي ص١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>