للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يبيح لهم إظهار ذلك في بلاد المسلمين علانية، أو إدخالها على وجه الشهرة لأن ذلك من إظهار شعائر الكفر في دار الإسلام وهو أمر ممنوع في الشرع الإسلامي كما تقدم إيضاح ذلك (١). فإذا كان هذا ممنوعًا فمن باب أولى منع النساء الكافرات الكاسيات العاريات من الخروج في وسط المجتمع المسلم لأن خطرهن أشد من خطر ظهور الخمر والخنزير، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء» (٢).

وإذا كان الإسلام قد ألزم المسلمات المؤمنات المحصنات بحصانة الإيمان فمن باب أولى أن يلزم الكافرات اللاتي هن أقرب إلى كل رذيلة وأبعد عن كل فضيلة وقد ذكر الدكتور عبد الكريم زيدان أنه يُمنع أهل الذمة ومن في حكمهم من أهل العهد من إظهار الفسق فيما يعتقدون حرمته كالفواحش ونحوها كما يمنع المسلم منها سواء بسواء (٣).

وقد ورد في الحديث «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» (٤).

فهذا الحديث عام في لعن كل من يتشبه من النساء بالرجال أو العكس سواء كان مسلمًا أو كافرًا، ولما كان هذا الشيء أمرًا منكرًا وإظهاره في المجتمع الإسلامي إظهارًا للمنكر، فإنه يلزم بمقتضى عقد الذمة والعهد أن لا يُظْهِرَ هؤلاء منكرًا أيا كان نوع هذا المنكر إذا أرادوا أن يعيشوا مع المجتمع الإسلامي بصدق وأمان. وخروج النساء الكافرات في وسط المجتمع المسلم بلباس يدعو إلى الإثارة والفتنة إما أن يكون داخلاً ضمن حدود القانون المدني أو ضمن دائرة الحقوق الشخصية، وفي كلا الحالين فإنه غير جائز تكشف النساء الكافرات في المجتمع المسلم.


(١) انظر ص٥٦٩ - ٥٧٥ من هذه الرسالة.
(٢) انظر صحيح مسلم ج٤ ص٢٠٩٨ (كتاب الرقاق).
(٣) انظر أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام د/ عبد الكريم زيدان ص١٩٠.
(٤) انظر فتح الباري ج١٠ ص٣٣٢ (باب اللباس).

<<  <  ج: ص:  >  >>