للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سأل مهنا بن يحيى الشامي وهو فقيه عالم: الإمام أحمد بن حنبل عن البيع والشراء مع الكفار فأجابه بأنه لا بأس في ذلك (١)، وقد كانت هناك أسواق في مكة وكان المسلمون يشهدونها وشهد بعضها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن هذه الأسواق ما كان في موسم الحج من تجارات مختلفة هذا فيما يتعلق بالتعامل التجاري مع الكفار داخل دار الإسلام والمسلمين أما التعامل التجاري مع الكفار في دار الحرب فهو جائز حيث كان ذلك مقررًا من قبل الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كانت تجارة عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنهما) ذاهبة وآيبة بين الشام والمدينة وكانت الشام دار حرب على الإسلام والمسلمين، فالسفر إلى بلاد الكفار لغرض التجارة، مع حفظ العبد لدينه، وقدرته على إظهار دينه أمر لا مانع منه عند توفر الأسباب الداعية إلى ذلك وانتفاء الموانع التي يخشى منها على دين الإنسان ونفسه وماله (٢). ولا شك أن أسواق الكفار تشتمل على المعصية، أو ما يستعان به على المعصية فإن وجد الإنسان من نفسه القدرة على الامتناع عن مفاسدهم ومجانبة باطلهم جاز له السفر وإلا كان السفر في حقه محرمًا، عند ضعف القدرة عن مقاومة الإغراءات ووسائل الفساد في المجتمع الكافر عملاً بالحديث الشريف «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٣) ومن دخل دار الحرب من المسلمين وهو مبعوث لرسالة أو تاجر، أو طالب معرفة لديهم، بأمان منهم فخيانتهم محرمة عليه، لأنهم إنما أعطوه الأمان مقابل ترك خيانتهم، وعدم الاعتداء على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم (٤).


(١) انظر اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم/ ابن تيمية ص٢٣٠ - ٢٣٢. وانظر أحكام أهل الذمة ج١ ص٢٧٠.
(٢) انظر اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم/ ابن تيمية ص٢٣٠ - ٢٣٢. وانظر نيل الأوطار للشوكاني ج٨، ص٢٢١.
(٣) رواه النسائي والترمذي، وقال حديث حسن صحيح. انظر جامع العلوم والحكم/ عبد الرحمن بن شهاب الحنبلي ص١٠١.
(٤) انظر الفتاوى السعدية/ ابن سعدي ج١ ص٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>