للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجوز للمسلم الذي يحمل التجارة إلى دار الحرب، أن يحمل لهم ما يستعينون به على منكر لديهم، فلا يجوز حمل عنب أو تمر أو شعير يتخذونه خمرًا، وكذلك لا يجوز أن يبيعهم سلاحًا يقاتلون به مسلمًا. أما بيعهم ما هو مأكول وملبوس ومركوب مما هو مباح لنا ولهم فهو جائز (١).

وأهل الذمة وأهل العهد، إذا زاولوا التجارة في دار الإسلام فإن للحاكم المسلم الخيار بين أخذ العشر أو نصف العشر أو أكثر من ذلك أو أقل أو أن يسمح لهم ويعفيهم من أي التزام مالي، أو يعفي بعض البضائع دون بعض، وذلك لما يراه في صالح الإسلام والمسلمين، فهذه الأمور مبنية على رعاية المصلحة العامة للمسلمين في دار الإسلام، وتخضع للسياسة الشرعية المتمشية مع مصلحة الأمة وسلامتها (٢).

أما حكم التعامل معهم وأخذ نقودهم وهم قد يكسبونها عن طريق الربا أو القمار أو الفواحش أو ما إلى ذلك.

فجمهور العلماء على جواز التعامل معهم، وإن كانت مصادر أموالهم محرمة لاقتحامهم ما حرم الله، فقد دل الدليل على ذلك من الكتاب والسنة قال تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) (٣). وهذا نص في حل طعامهم مع أنه قد يدخل عليهم بطرق محرمة، وعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الكتاب وأقر التعامل معهم في مناسبات شتى، وقد رجح القرطبي ذلك (٤).

أما التعامل معهم بالربا في خارج دار الإسلام أو السماح لهم بالتعامل بالربا مع المسلمين أو بين بعضهم البعض في دار الإسلام فلا يجوز قولاً واحدًا للأدلة القطعية المتواترة من الكتاب والسنة (٥). لأن الله عز وجل إذا


(١) اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم - ابن تيمية ص٢٣٠ - ٢٣٢.
(٢) انظر أحكام أهل الذمة/ ابن قيم الجوزية ج١ ص١٤٩ - ١٧٥.
(٣) سورة المائدة آية (٥).
(٤) انظر تفسير القرطبي ج٦ ص١٢ - ١٣.
(٥) انظر المغني والشرح الكبير ج١٠ ص٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>