للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرام على المسلم أمرًا، فإنه لا يجوز أن يستحل هذا المحرم في أي زمان أو مكان إلا ما ورد الشرع بتخصيصه كالميتة ونحوها، ذلك أن تحريم هذه المحرمات أمر مطلق، فلا يجوز للإنسان أن يتعلل باستباحته للمحرم أنه موجود في مجتمع كافر لا حرمة له، فقد كان المسلمون يعيشون مع كفار قريش في مكة، واليهود في المدينة ومع ذلك لم يقع منهم تعامل مع هؤلاء الكفار، في الربا أو القمار أو نحو ذلك (١).

والربا والقمار حكمهما كحكم الزنا، وقد وردت الآيات الدالة على تحريم الزنا مطلقة من غير تخصيص على تحريم الزنا بالمسلمات فقط (٢). ويقول الإمام الشافعي (رحمه الله): «الإسلام ملزم للمسلم حيثما كان بوجوب تطبيق أحكامه وأداء فرائضه من عبادات وواجبات وهي لا تسقط إذا كان في بلاد الكفار أو غيرها من الديار، ما دام حيًا عاقلاً مختارًا» (٣).

وقد كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مجوس هجر «إما أن تذروا الربا أو تأذنوا بحرب من الله ورسوله» (٤) وفي هذا الوعيد ما يدل على أنه لا يجوز لأهل الذمة وأهل العهد التعامل بالربا ونحوه من المحرمات في جميع الشرائع فلا وجه لما يتعلل به بعض المهزومين في عقيدتهم وأخلاقهم من أن السماح في بعض المحرمات إنما هو لوجود فئة من أهل الذمة وأهل العهد من غير المسلمين، كما تفعل ذلك بعض المؤسسات الاقتصادية العاملة في بعض البلاد الإسلامية حيث تتعامل بالربا بصورة ظاهرة وخفية، وتعلن الحرب على الله ورسوله والمؤمنين وهي بذلك تخرج على شريعة الله وتخالف أمره، ومن حارب الله فقد هزم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ


(١) المصدر السابق، ص٥١٥.
(٢) انظر الخراج لأبي يوسف ص١٨٩.
(٣) انظر الحرب والسلم في شريعة الإسلام د/ مجيد خدوري ص١٩٩.
(٤) انظر أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام د/ عبد الكريم زيدان ص١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>