للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المشركين لا يستلزم المحبة والتوادد والموالاة المنهي عنها بحق الكفار في قوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (١). فإن هذه الآية عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل.

وقال الخطابي في ذلك: إن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه كما توصل الرحم المسلمة لكن تتميز الرحم المسلمة بالمحبة والمودة القلبية والرضا، لأن المسلم قد تجرد من أقبح صفة يمكن أن يتصف بها إنسان على وجه الأرض ألا وهي صفة الكفر (٢). اهـ.

وقد قال جماعة من أهل العلم: إن صلة القرابة من الكفار كانت مباحة في أول الدعوة، ثم نسخت الصلة والمساعدة للكفار (٣). بقوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (٤). اهـ.

والذي أميل إليه في هذا الموضوع هو أن الله سبحانه وتعالى أباح للمسلم البر والصلة والمكافأة بالمعروف والعدل في التعامل مع المشركين خاصة إذا كانوا قرابة في النسب بشرط أن يكونوا غير محاربين لنا في الدين ولا مساعدين على حربنا وإخراجنا من ديارنا بأية صورة من صور التعاون المذموم، أما إذا كانوا محاربين لله ورسوله والمؤمنين فإن صلتهم محرمة ومساعدتهم جريمة وإن كانوا من أقرب الناس نسبًا قال تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٥).


(١) سورة المجادلة آية (٢٢).
(٢) انظر فتح الباري ج٥ ص٢٣٤.
(٣) المصدر السابق المكان نفسه.
(٤) سورة التوبة آية (٥).
(٥) سورة الممتحنة آية (٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>