للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرومي قال كنت مملوكًا لعمر (رضي الله عنه) فكان يقول لي أسلم فإنك إن أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين، فإنه لا ينبغي أن أستعين على أمانتهم، من ليس منهم، فأبيت فقال لا إكراه في الدين. فلما حضرته الوفاة أعتقني فقال اذهب حيث شئت (١). ويروى أنه كتب بعض عمال عمر (رضي الله عنه) إليه يستشيرونه في استعمال الكفار، فقالوا: إن المال قد كثر ولا يحصيه إلا هم، فاكتب إلينا بما ترى، فكتب إليهم، «لا تدخلوهم في دينكم، ولا تسلموهم ما منعهم الله منه، ولا تأمنوهم على أموالكم، وتعلموا الكتابة فإنما هي حلية الرجال» (٢).

ثم قال: من كان قبله كاتب من المشركين، فلا يعاشره ولا يؤازره ولا يجالسه، ولا يعتضد برأيه، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر باستعمالهم ولا خليفته من بعده (٣) اهـ.

وروي أن عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) كتب إلى بعض عماله. «أما بعد: فإنه بلغني أن في عملك كاتبًا نصرانيًا، يتصرف في مصالح المسلمين والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٤). فإذا أتاك كتابي هذا فادع حسان بن زيد -يعني ذلك الكاتب إلى الإسلام- فإن أسلم فهو منا ونحن منه، وإن أبى فلا تستعن به، ولا تتخذ أحدًا على غير دين الإسلام في شيء من مصالح المسلمين». اهـ. فأسلم حسان وحسن إسلامه (٥).

ويروى أن عمر (رضي الله عنه) كتب إلى أبي هريرة (رضي الله


(١) أحكام القرآن للجصاص ج٢ ص٣٧.
(٢) انظر أحكام أهل الذمة ج١ ص٢١١.
(٣) انظر أحكام أهل الذمة/ ابن قيم الجوزية ج١ ص٢١١.
(٤) سورة المائدة آية (٥٧).
(٥) المصدر السابق ج١ ص٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>