للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل الذمة، أحسنوا الاختيار لأنفسهم وأساءوا الاختيار للمسلمين وابتاعوا دنياهم بآخرة أمير المؤمنين، خفتهم ولم تخف الله، وأنت مسئول عما اجترحوا وليسوا مسئولين عما اجترحت، فلا تصلح دنياهم، بفساد آخرتك، فإن أخسر الناس صفقة يوم القيامة، من أصلح دنيا غيره بفساد آخرته، واذكر ليلة تتمخض صبيحتها عن يوم القيامة، وأول ليلة يخلو فيها المرء بقبره ليس معه إلا عمله، فبكى المتوكل إلى أن أغشى عليه، ثم أمر بإزالتهم (١).

وأما الخليفة المقتدر بالله فإنه في سنة خمس وتسعين ومائتين عزل كتاب النصارى وعمالهم، وأمر أن لا يستعان بأحد من أهل الذمة (٢). حتى إنه أمر بقتل أبي ياسر النصراني عامل مؤنس الحاجب لتعديه على حقوق المسلمين.

وكذلك الخليفة الراضي بالله كثرت الشكايات من أهل الذمة في زمانه ومن الذين شكوا الشاعر مسعود بن الحسين الشريف البياضي حيث يقول:

يا ابن الخلائف من قريش والأولى ... طهرت أصولهم من الأدناس

قلدت أمر المسلمين عدوهم ... ما هكذا فعلت بنو العباسي

حاشاك من قول الرعية أنه ... ناس لقاء الله أو متناسي

ما لعذر إن قالوا غدا هذا الذي ... ولى اليهود على رقاب الناس

ما كنت تفعل بعدهم لو أهلكوا ... فافعل وعدّ القوم في الأرماس (٣)

وفي عهد الخليفة المستنصر بالله زاد نفوذهم حتى بدأ يغبطهم بعض المسلمين على مناصبهم كما صور ذلك الشاعر الراضي بن البواب حيث يقول:


(١) انظر أحكام أهل الذمة/ ابن قيم الجوزية ج١ ص٢٢٢.
(٢) انظر البداية والنهاية لابن كثير ج١١ ص١٠٨. وانظر أحكام أهل الذمة ج١ ص٢٢٤.
(٣) أحكام أهل الذمة ج١ ص٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>