للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يهود هذا الزمان قد بلغوا ... غاية آمالهم وقد ملكوا

العز فيهم، والمال عندهم ... ومنهم المستشار والحكم

يا أهل مصر إني قد نصحت لكم ... تهودوا كي تنالوا ما ملكوا (١)

وقد ولى العزيز بالله نصرانيًا اسمه (عيسى بن نسطورس) كتابة الأموال، واستناب بالشام يهوديًا اسمه (منشا) فاعتز بولايتهما النصارى واليهود، وأوذي المسلمون، وقد عمد أهل مصر الغيورون على الإسلام والمسلمين، فوضعوا دمية على شكل مجسم لإنسان ووضعوا بين يديه ورقة كبيرة كتبوا عليها «بالذي أعز اليهود بمنشا والنصارى بعيسى بن نسطورس وأذل المسلمين بك إلا كشفت ظلامتي» وأقعدوا تلك الدمية على طريق العزيز بالله، فلما رآها أمر بأخذها، وقرأ ما فيها، ثم قبض على النصراني واليهودي فأودعهما السجن وأخذ منهما أموالاً كثيرة وأبعدهما وقراباتهما عن الحكم وكذلك فعل الحاكم بأمر الله (٢).

وقد لزم الملك الصالح صلاح الدين ابن السلطان الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور بن قلاوون أهل الذمة بالذلة والصغار، وأمر أن لا يستخدم منهم أحد في الدواوين السلطانية ولا في شيء من الأشياء التي يمكن أن يكون عملهم بها مضرًا على الإسلام والمسلمين، وذلك خلال حكمه ما بين (٧٥٣ - ٧٥٥هـ) (٣).

وهذه المواقف كلها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه لا يجوز تمكين اليهود والنصارى من الوظائف والمهن التي يحققون من خلالها الاستعلاء على المسلمين، تمشيًا مع قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ) (٤).


(١) انظر تاريخ الإسلام السياسي. د/ حسن إبراهيم ج٤ ص١٨٣.
(٢) انظر ظهر الإسلام/ أحمد أمين ج١ ص٨٢.
وانظر البداية والنهاية/ لابن كثير ج١١ص٣٢٠.
(٣) انظر البداية والنهاية/ لابن كثير ج١٤ ص٢٥٠.
(٤) سورة آل عمران آية (١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>