للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفار، وهو قول الحنابلة (١). ودليلهم قول الله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) (٢) فوجب أن يكون من تلزمه نفقة غيره وارثًا له، واختلاف الدين يمنع التوارث فيمنع النفقة.

لأن بين المتوارثين قرابة تقتضي كون الوارث أحق بمال المورث من سائر الناس فيجب أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم، والنفقة بعد هذا وذاك من باب الصلة والمواساة فلا تجب مع اختلاف الدين (٣).

والراجح في ذلك هو قول الجمهور، لقوة ما احتجوا به من أدلة على وجوب النفقة على المسلم لقراباته من أهل الذمة.

وأما ما احتج به الحنابلة من وجوب اتحاد الدين كشرط لوجوب النفقة، فإن هذا في غير قرابة التولد، اما القول بأن النفقة واجبة للمواساة والصلة، فلا تجب مع اختلاف الدين. فالجواب أنها وجبت في هذه القرابة للجزئية، وهذا المعنى لا يختلف باختلاف الدين، وحتى إذا كان وجوب النفقة للمساواة والصلة، فإن اختلاف الدين لا يمنع من الصلة (٤).

أما نفقة المسلم على قراباته من الكفار المحاربين، سواء كانوا خارج دار الإسلام أو داخلها، فإن بذل النفقة لهم لا يجب ولا يجوز، إلا بنية تأليفهم للإسلام، ويدخل في ذلك الأقرباء الذين يعتنقون المبادئ الهدامة وينضمون إلى الأحزاب الكافرة سواء كانت شيوعية أو بعثية أو اشتراكية أو ماسونية أو صليبية أو وثنية أو نحو ذلك، حيث إن المسلم منهي عن بر من يحارب الله ورسوله والذين آمنوا. قال تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ


(١) انظر المغني والشرح الكبير ج٩ ص٢٥٩.
(٢) سورة البقرة آية (٢٣٣).
(٣) انظر المغني/ لابن قدامة ج٧ص٥٨٥.
(٤) انظر الوصايا في الفقه الإسلامي/ محمد سلام مدكور ص٣٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>