للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلته لهم، أنها نوع من أنواع الموالاة، كما قد يظن البعض الآخر أن منع النفقة عليهم وقطع الصلة بهم، أنها نوع من أنواع المعاداة للكفار وحيث إن هذا الأمر قد يشكل على بعض المسلمين، ونظرًا لصلته الوثيقة بموضوع الولاء والعداء رأينا أن نبين رأي الشرع في هذه المسألة حتى يكون المسلم على بينة في تعامله مع أقربائه من غير المسلمين أو في نظرته لمن يتعامل مع غير المسلمين من الذين تربطهم رابطة القرابة، فنقول: إن الفقهاء اختلفوا في موضوع النفقة على قولين:

القول الأول: قول جمهور من الحنفية والشافعية والمالكية والشيعة الإمامية والزيدية، حيث يقولون إن اتحاد الدين ليس بشرط في وجوب النفقة بين القرابة، وهم يستدلون بعموم الأدلة الدالة على وجوب النفقة قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) إلى قوله تعالى: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا) (١). فالإنفاق عليهما حال فقرهما من أحسن وجوه الإحسان، وإن التأذي بترك النفقة عليهما عند عجزهما أكثر من تأذيهما بكلمة أفٍ، فكان النهي عن التأفيف نهيًا عن ترك الإنفاق من باب أولى.

وقال تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (٢). وهذه الآية نزلت في الوالدين الكافرين، وهل المعروف أن يترك الولد أبويه وهما في حالة عري وجوع شديد؟ (٣). وبناء على هذا يجب على المسلم النفقة لأقربائه من الكفار.

القول الثاني: قول من يقول بعدم وجوب النفقة على المسلم لقرابته


(١) سورة الإسراء آية (٢٣).
(٢) سورة لقمان آية (١٥).
(٣) انظر أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>