للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناس أجمعين» (١) وروي أيضًا عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقتل مؤمن بكافر» (٢).

ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يقتل مسلم بكافر سواء كان الكافر ذميًا أو معاهدًا، أما المحارب فلا خلاف فيه حيث إنه ليس له أي شبهة تجعل قتله ممنوعًا أو مؤاخذًا عليه، واستدل الجمهور على قولهم بأنه لا يجوز قتل المسلم بالكافر بالأدلة التالية:

١ - إن من شروط القصاص المساواة، ولا مساواة بين المسلم والكافر فالإسلام ينبوع الكرامة، والكفر ينبوع الهوان، قال تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) (٣).

٢ - إن في إباحة دم الذمي والمستأمن شبهة قائمة لوجود الكفر المبيح للدم وعقد الذمة والعهد شيء عارض منع القتل مع بقاء العلة فمن الوفاء بالعهد أن لا يقتل المسلم ذميًا أو معاهدًا، فإن حصل القتل لم يتجه القول إلى القود، لأن الشبهة المبيحة لقتله موجودة ومع قيام الشبهة لا يلزم القول بالقود.

ولأن عصمة الدم وإيجاب القود على القاتل مشروط بالإسلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله» (٤) فذكر أن عصمة الدم هو الإسلام، وعليه فالكافر غير معصوم الدم فلا يقتص بالمسلم منه.

وخالف في ذلك الأحناف فقالوا يقتل المسلم قصاصًا بالذمي دون


(١) أخرجه أبو داود. انظر بداية المجتهد ج٢ ص٣٩٩.
(٢) أخرجه أبو داود. المصدر السابق نفس المكان.
(٣) سورة الحشر آية (٢٠).
(٤) رواه مسلم انظر صحيح مسلم ج١ ص٥٢، ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>