للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعلق بنية الشخص نفسه، والظروف المحيطة به، فقد تكون إقامة المسلم في أرض يسود بها الضلال ويستعلي بها الكفر، أفضل إذا كان مجاهدًا في سبيل الله، داعيًا إلى منهج الله بقوله وفعله من إقامته في أرض كل أهلها من الناس الصالحين الطيبين (١).

ولذلك يمكن تقسيم السفر والإقامة بين الكفار إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: مَنْ سفره مأمور به شرعًا وصاحبه مجاهد في سبيل الله حتى يرجع وذلك إذا كان الذهاب إلى الكفار بقصد الدعوة إلى الله، أو تعلم ما هو وسيلة إلى مرضاة الله وخذلان أعدائه. ودليل هذا النوع سفر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل الطائف يعرض الإسلام عليهم، وكانت كلها دار كفر في ذلك الوقت، فلم يمنعه ذلك من السفر إليها والإقامة بينهم بعض الوقت. وكذلك بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرسل إلى ملوك أهل الأرض ومن حولهم وهم كفار، فقد بعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك الفرس ودحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر - وهو هرقل - ملك الروم، وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب مصر، وشجاع بن وهب بن أسد بن خزيمة إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك عرب النصارى، وسليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي، وعمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك النصارى بالحبشة وهو أصحمة بن الحر (٢).

فهؤلاء الأشخاص الذين يستحب لهم الذهاب إلى الكفار يشترط فيهم أن يكونوا عارفين لدينهم بأدلته الشرعية. متمسكين بعقيدتهم مأمونًا عليهم في ظاهر حالهم من الوقوع في الفتنة، قاصدين من سفرهم وسكناهم مع الكفار إظهار دين الله والدعوة إليه، ومعرفة ما يعينهم على ذلك.

القسم الثاني: من أقسام السفر والإقامة مع الكفار ما يكون مباحًا.


(١) انظر الابتعاث ومخاطره/ محمد بن لطفي الصباغ ص١٢.
(٢) انظر البداية والنهاية/ لابن كثير ج٤ ص١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>