للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآية دلت على انتفاء الإيمان الواجب لمن قام بموادة من حاد الله عز وجل، كما دلت بمفهوم المخالفة على محبة المؤمنين المطيعين لله.

ومن يرى أن إظهار العداوة والتصريح بها للكفار خاص بالرسل إذ هي البلاغ الذي عليهم، ولا تجب على آحاد الناس فهذا القول من أبطل الباطل وأعظم المغالطات (١)، حيث إن الله تعالى قد بين أن الموالاة والمعاداة من سنة أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، فلا يرغب عن سنة إبراهيم إلا من سفه نفسه قال تعالى: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) (٢). فعداوة القلب وبغضه وموالاته لا تكفي في النجاة من عذاب الله مع القدرة على إظهار العداوة والتصريح بها بين الكفار لمن يسافر باختياره ويقيم بينهم بمحض إرادته فأين التصريح بالعداوة والبغضاء ممن يسافر إلى بلاد الكفار في وقتنا الحاضر؟

إن الذي يحصل غالبًا من أحوال المسافرين والمقيمين عند الكفار هو الموافقة وإظهار الرضا وربما الإعجاب بكفرهم، حتى لقد رجع الكثير منهم دعاة إلى الماسونية والصليبية والشيوعية والإباحية البهيمية، والشخص المتمسك بالإسلام والذي يعتبر من العاضيَّن عليه بالنواجذ في بلاد الكفار هو الذي يسكت عن هؤلاء الكفار ويعتزلهم، ويجد ويجتهد في حماية نفسه من أن يذوب فيما لديهم من مستنقعات الفساد وأوحال الرذيلة، والإغراءات العفوية والمتعمدة التي يرسمها الأعداء للإيقاع بأبناء المسلمين.

وبناء على ذلك فإن إظهار الدين - الذي هو ترك المحرمات وتأدية الواجبات وإظهار العداوة للكفر والكفار - أمر يتعذر تحقيقه وحصوله في


(١) انظر الجواب الفائض في الرد على أرباب القول الرائض/ سليمان بن سحمان ص٤٩. (مخطوطة) بجامعة الرياض قسم المخطوطات برقم (٣٤١٣).
(٢) سورة البقرة آية (١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>